السهروردي الشيخ الإمام العالم القدوة الزاهد العارف المحدث شيخ الإسلام أوحد الصوفية شهاب الدين أبو حفص وأبو عبد الله عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله - وهو عمويه - بن سعد بن حسين بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن فقيه المدينة وابن فقيهها عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق القرشي التيمي البكري السهروردي الصوفي ثم البغدادي .
ولد في رجب سنة تسع وثلاثين وخمس مائة وقدم من سهرورد وهو شاب أمرد ، فصحب عمه الشيخ أبا النجيب ولازمه وأخذ عنه الفقه والوعظ والتصوف ، وصحب قليلا الشيخ عبد القادر ، وبالبصرة الشيخ أبا محمد بن عبد . وسمع من هبة الله بن أحمد الشبلي ، وهو أعلى شيخ له ، وأبي الفتح ابن البطي ، وخزيفة بن الهاطرا ، وأبي الفتوح الطائي ، وأبي زرعة المقدسي ، ومعمر بن الفاخر ، وأحمد بن المقرب ، ويحيى بن ثابت ، وطائفة له عنهم جزء سمعناه .
حدث عنه ابن نقطة ، وابن الدبيثي ، وابن النجار ، والضياء ، والقوصي ، وابن النابلسي ، وظهير الدين محمود الزنجاني ، وأبو الغنائم بن علان ، وأبو الفرج ابن الزين ، وأبو إسحاق ابن الواسطي ، وأبو المعالي الأبرقوهي ، والرشيد بن أبي القاسم ، وآخرون . وبالإجازة الفخر بن عساكر ، والشمس ابن الشيرازي ، والقاضي الحنبلي ، وعدة .
قال ابن الدبيثي قدم بغداد وكان له في الطريقة قدم ثابت ولسان ناطق ، وولي عدة ربط للصوفية ، ونفذ رسولا إلى عدة جهات .
وقال ابن النجار : كان أبوه أبو جعفر تفقه ببغداد على أسعد الميهني ووعظ ، قال لي ابنه : قتل أبي بسهرورد ، ولي ستة أشهر ، كان ببلدنا شحنة ظالم فاغتاله جماعة وادعوا أن أبي أمرهم ، فجاء غلمان المقتول ففتكوا بأبي ، فوثب العوام على الغلمان فقتلوهم ، وهاجت الفتنة فصلب السلطان أربعة من العوام ، فكبر ذلك على عمي أبي النجيب ، ولبس القباء وقال : لا أريد التصوف ، حتى استرضي .
ثم قال ابن النجار : وكان شهاب الدين شيخ وقته في علم الحقيقة ، وانتهت إليه الرياسة في تربية المريدين ، ودعاء الخلق إلى الله ، والتسليك . صحب عمه وسلك طريق الرياضات والمجاهدات ، وقرأ الفقه والخلاف والعربية ، وسمع ثم لازم الخلوة والذكر والصوم إلى أن خطر له عند علو سنه أن يظهر للناس ويتكلم ، فعقد مجلس الوعظ بمدرسة عمه ، فكان يتكلم بكلام مفيد من غير تزويق ، ويحضر عنده خلق عظيم ، وظهر له القبول من الخاص والعام واشتهر اسمه ، وقصد من الأقطار ، وظهرت بركات أنفاسه على خلق من العصاة فتابوا ، ووصل به خلق إلى الله ، وصار أصحابه كالنجوم ، ونفذ رسولا إلى الشام مرات ، وإلى السلطان خوارزم شاه ، ورأى من الجاه والحرمة ما لم يره أحد ، ثم رتب بالرباط الناصري ، وبرباط المأمونية ، ورباط البسطامي ، ثم أنه أضر وأقعد ، ومع هذا فما أخل بالأوراد
ودوام الذكر وحضور الجمع في محفة ، والمضي إلى الحج ، إلى أن دخل في عشر المائة وضعف فانقطع .
قال : وكان تام المروءة ، كبير النفس ، ليس للمال عنده قدر ; لقد حصل له ألوف كثيرة ، فلم يدخر شيئا ، ومات ولم يخلف كفنا . وكان مليح الخلق والخلق ، متواضعا كامل الأوصاف الجميلة . قرأت عليه كثيرا ، وصحبته مدة ، وكان صدوقا نبيلا ، صنف في التصوف كتابا شرح فيه أحوال القوم ، وحدث به مرارا - يعني " عوارف المعارف " - .
قال : وأملى في آخر عمره كتابا في الرد على الفلاسفة ، وذكر أنه قدم بغداد بعد وفاة أبي الوقت المحدث .
وقال ابن نقطة كان شيخ العراق في وقته ، صاحب مجاهدة وإيثار وطريق حميدة ومروءة تامة ، وأوراد على كبر سنه .
قال يوسف الدمشقي : سمعت وعظ أبي جعفر والد السهروردي ببغداد في جامع القصر وفي النظامية ، تولى قضاء سهرورد وقتل .
قال ابن الحاجب : يلتقي السهروردي وابن الجوزي في النسب في القاسم بن النضر .
أخبرنا مسعود بن حمويه إجازة أن قاضي القضاة بدر الدين يوسف السنجاري حكى عن الملك الأشرف موسى أن السهرودي جاءه رسولا فقال في بعض حديثه : يا مولانا تطلبت كتاب " الشفاء " لابن سينا من خزائن الكتب ببغداد وغسلت جميع النسخ ، ثم في أثناء الحديث قال : كان السنة ببغداد مرض عظيم وموت . قلت : كيف لا يكون وأنت قد أذهبت " الشفاء " منها؟ !
ألبسني خرق التصوف شيخنا المحدث الزاهد ضياء الدين عيسى بن يحيى الأنصاري بالقاهرة ، وقال : ألبسنيها الشيخ شهاب الدين السهروردي بمكة عن عمه أبي النجيب .
قرأت على أبي المعالي الأبرقوهي : أخبركم أبو حفص عمر بن محمد ، أخبرنا هبة الله بن أحمد الشبلي ، أخبرنا محمد بن محمد الزينبي ، أخبرنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله البغوي ، حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي الورقاء ، عن عبد الله بن أبي أوفى ، قال :
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من قال إحدى عشرة مرة لا إله إلا الله وحده لا شريك له أحدا صمدا لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، كتب الله له ألفي ألف حسنة .
توفي الشيخ شهاب الدين -رحمه الله- ببغداد في أول ليلة من سنة اثنتين وثلاثين وست مائة وفي ذريته فضلاء وكبراء ، ومات ولده العماد أبو جعفر محمد بن عمر سنة خمس وخمسين وست مائة ، روى عن ابن الجوزي ، والقاسم بن عساكر ، حدثنا عنه إسحاق ابن النحاس وسافر رسولا .
وفيها مات صاحب إلبيرة الملك الزاهر داود ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وله نظم وفضيلة ، والطواشي صواب العادلي مقدم.
الجيوش ، والشهاب عبد السلام بن المطهر بن أبي عصرون ، والشرف علي بن إسماعيل بن جبارة الكندي ، وأبو الحسن علي بن الحسن بن رشيد البغدادي ، والمقرئ تقي الدين علي بن باسويه الواسطي ، وشاعر زمانه شرف الدين عمر بن علي ابن الفارض الحموي بمصر ، وشيخ بيت المقدس غانم بن علي الزاهد ، والشاعر حسام الدين عيسى بن سنجر الحاجري الإربلي الجندي ، ومحمد بن أبي غالب شعرانة صاحب أبي الوقت ، وخلق بسيف التتار بأصبهان ، وواثلة بن بقاء بن كراز ، ومحمد بن عبد الواحد المديني ، وأبو الوفاء محمود بن إبراهيم بن منده ، وأبو صادق بن صباح ، ومحمد بن عماد .
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق