القول الصريح في حكم الصلاة في مسجد الضريح
إعلام الراكع الساجد بمعنى اتخاذ القبور مساجد
أو القول الصريح في حكم الصلاة في مساجد الضريح
انتشر في الأونة الأخيرة بعضُ الفتاوى والأراء التي لا تستند إلى علم صحيح أو دليل صريح، ومضمون هذه الفتاوى والآراء التي تصدرُ من غير ذوي الاختصاص أنَّ
الصَّلاة في المساجد التي بها قبورُ الأنبياءِ والأولياءِ والصَّالحين صلاةٌ باطلةٌ لا يقبلها الله عزَّ وجلَّ، وأنَّ هذه المساجدَ ينبغي أن تُهدم وألا يصلِّيَ فيها أحدٌ من المسلمين، فأبطلُوا صَلاة الملايين من المسلمين في مساجد آل البيت وأولياء الله الصَّالحين كمسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيد عائشة والدُّسوقي والبدويِّ وغيرها من مساجد آل البيت الأطهار رضي الله عنهم، وأفتوا النَّاسَ جهلًا بأنَّ عليهم التوبة وإعادة الصَّلاة إذا وقعت في هذه البقاع الطَّاهرة، بل إنَّ بعضَ الجهَّال لم يكتف بهذه الفتوى الباطلة فقام بالاعتداء على الأضرحة بالحرق أو الهدم، عياذًا بالله تعالى، فانتهكُوا حُرمة الموتى الَّتي عصمها الله عزَّ وجل، وكان يلزمهم على هذه القاعدة أن يحرمُوا الصَّلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا المسجد العظيم الذي تهفو إليه أفئدة عباد الله المؤمنين الصَّادقين في مشارق الأرض ومغاربها.
وقبل أن نردَّ على هذا الكلام الفاسد الذي لا يستند إلى فهم صحيح أو دليل صريح نودُّ أولًا أن نبين أنَّ الصَّلاةََ في جميع بقاع الأرض الطَّاهرة جائزةٌ بإجماع المسلمين، وهذا الإجماعُ مستنده دليل صحيحٌ صريح متفق عليه رواه الإمام البخاري في صحيحه (335) ومسلم في صحيحه (521) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «...وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ».
وهذا الحديث الصَّحيح ورد في فضائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنَّ فضائل وخصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يدخلها النَّسخُ أو التَّخصيص، فالصَّلاةُ في جميع البقاع الطَّاهرة جائزةٌ بالإجماع.
وقد يستدلُّ بعض العوام من غير ذوي العلم بحديثِ «لعن الله اليهود والنَّصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وهو حديث صحيح ولا شكَّ، لكنهم لم يفهموا معناه ولا دلالته ولا أقوال أهل العلم فيه، قال إمام السُّنة شارح الموطأ الإمام ابن عبد البر رحمه الله عند تعرضه لشرح هذا الحديث في كتابه التمهيد (1/168) : «لهذا الحديث والله أعلم ورواية عمر بن عبد العزيز له أمر في خلافته أن يجعل بنيان قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم محددًا بركن واحد؛ لئلا يُستقبل القبر فيصلَّى إليه».
فهذا فهم الإمام المحدِّث ابن عبد البر رحمه الله أنَّ المقصود باتخاذ القبر مسجدًا أي جهة أو مكان للسجود إليها من دون الله عزَّ وجل، فالذي يتخذ القبر مسجدًا هو الذي يعبد القبور أو من فيها من الأنبياء أو الأولياء من دون الله عز وجل، وليس المقصود بناء مسجد عندها أو في جوارها والصلاة في هذا المسجد.
وذهب الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى إلى أن حديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد منسوخ؛ لأنه معارض بأدلة أخرى أوضح وأصرح في جواز الصَّلاة في جميع بقاع الأرض الطاهرة، قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد (1/168): «هذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء والصَّالحين مساجد، وقد احتجَّ من لم ير الصَّلاة في المقبرةِ ولم يجزها بهذا الحديث وبقوله: «إنَّ شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد». وبقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا في بيوتكم ولا تجعلوها قبورًا» وهذه الآثار قد عارضها قوله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» وتلك فضيلة خُصَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز على فضائله النسخ ولا الخصوص ولا الاستثناء، وذلك جائز في غير فضائله إذا كانت أمرًا أو نهيا أو في معنى الأمر والنهي، وبهذا يستبين عند تعارض الآثار في ذلك أنَّ النَّاسح منها قوله صلى الله عليه وسلم: «جُعلت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا». وقوله لأبي ذرٍّ: «حيثما أدركتك الصَّلاة فصل؛ فقد جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا». وانظر أيضًا الاستذكار لابن عبد البر (1/334).
وقال البيضاويُّ رحمه الله: «لما كانت اليهودُ والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصَّلاة نحوها، واتخذوها أوثانًا، لعنهم ومنع المسلمين على مثل ذلك، فأمَّا من اتخذ مسجدًا في جوار صالح ، وقصد التبرك بالقرب منه، لا للتعظيم له، ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد».
وقال التوربشتي في شرح المصابيح في حديث: «لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مسجد» هو مخرج على وجهين:
أحدهما: كانوا يسجدُون لقبور الأنبياء، تعظيمًا لهم وقصد العبادة في ذلك.
وثانيهما: أنَّهم كانوا يرون الصلاة في مدافن الأنبياء والتوجه إلى قبورهم في حالي الصَّلاة والعبادة لله نظرًا منهم أنَّ ذلك الصنيع أعظم موقعاً عند الله، لاشتماله على الأمرين: عبادة ومبالغة في تعظيم الأنبياء. وكلا الطريقين غير مرضيه: أما الأولى فشرك جلي، وأما الثانية فلما فيها من معنى الإشراك بالله، وإن كان خفياً، والدليل على ذمِّ الوجهين قوله : «اللهم لا تجعل قبري وثنًا، اشتدَّ غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» والوجه الأول أظهر وأشبه.
وقد ثبت أن بعض الصحابة قد بنوا على قبر أحدهم مسجدًا بعد وفاته وقد كان هذا في حياة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل على النبيِّ، ولو كان هذا محرمًا لأعلمه الله سبحانه وتعالى عن طريق الوحي، كما أعلمه ببناء مسجد الضِّرار؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
قال ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/13): «وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومن معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي جندل وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرؤه، فدفنه أبو جندل مكانه وصلَّى عليه وبنى على قبره مسجدًا». وذكرها ابن الأثير في أسد الغابة (1/1146). وقد أورد القصة الحافظ في فتح الباري (5/351) واستشهد واستدل بها، وهذا دليل على صحتها أو صلاحيتها للاستدلال عند الحافظ ابن حجر رحمه الله ، فلا تلتفت لبعض العوام من المنتسبين إلى العلم زورًا الذين يكذبون هذه الواقعة دون دليل أو برهان.
الخلاصة:
1- أن الصَّلاة في في جميع بقاع المعمورة الطاهرة صحيحة بلا ريب، ومنها المساجد المقامة على أضرحة الأنبياء والأولياء وآل البيت رضي الله عنهم فهي أيضًا صحيحة بلا ريب.
2- أن بناء المساجد على القبور أو عند القبور المعهود منذ إدخال القبر الشريف في المسجد وإلى يوم الناس هذا صحيح لم ينكره أحدٌ من أهل العلم المعتبرين في كافة المذاهب الإسلامية المتبوعة.
3- أن بناء المساجد على القبور أو عندها أو بجوارها ليس هو اتخاذ القبور مساجد الذي ورد النهي عنه في الحديث؛ لأنَّ معنى اتخاذ القبور مساجد هو التوجه إلى القبور بالعبادة والتضرع من دون الله أو مع الله، وهذا شرك أكبر باتفاق المسلمين.
4- يلزم القائلين بمنع بناء المساجد على القبور وتحريم الصَّلاة فيها أن يمنعُوا الصَّلاة في مسجد النبَّيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بل هو على قاعدتهم وفهمهم أولى بالمنع لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هو أعظم وأشرف المخلوقات فذريعة الشرك في جانبه أقوى. والقول بمنع الصلاة في مسجد النَّبيِّ لم يقل به أحدٌ من عُقلاء المسلمين، فكيف يمنع ما هو على قاعدته ومنواله.
وقد تبين من هذا أن الصلاة في مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومساجد أهل البيت وأولياء الله الصالحين صحيحة بلا ريب ولا شك، والله أعلم.
والله تعالى من وراء القصد ونسأله سبحانه التوفيق والهداية.
إعلام الراكع الساجد بمعنى اتخاذ القبور مساجد
أو القول الصريح في حكم الصلاة في مساجد الضريح
انتشر في الأونة الأخيرة بعضُ الفتاوى والأراء التي لا تستند إلى علم صحيح أو دليل صريح، ومضمون هذه الفتاوى والآراء التي تصدرُ من غير ذوي الاختصاص أنَّ
الصَّلاة في المساجد التي بها قبورُ الأنبياءِ والأولياءِ والصَّالحين صلاةٌ باطلةٌ لا يقبلها الله عزَّ وجلَّ، وأنَّ هذه المساجدَ ينبغي أن تُهدم وألا يصلِّيَ فيها أحدٌ من المسلمين، فأبطلُوا صَلاة الملايين من المسلمين في مساجد آل البيت وأولياء الله الصَّالحين كمسجد سيدنا الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيد عائشة والدُّسوقي والبدويِّ وغيرها من مساجد آل البيت الأطهار رضي الله عنهم، وأفتوا النَّاسَ جهلًا بأنَّ عليهم التوبة وإعادة الصَّلاة إذا وقعت في هذه البقاع الطَّاهرة، بل إنَّ بعضَ الجهَّال لم يكتف بهذه الفتوى الباطلة فقام بالاعتداء على الأضرحة بالحرق أو الهدم، عياذًا بالله تعالى، فانتهكُوا حُرمة الموتى الَّتي عصمها الله عزَّ وجل، وكان يلزمهم على هذه القاعدة أن يحرمُوا الصَّلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا المسجد العظيم الذي تهفو إليه أفئدة عباد الله المؤمنين الصَّادقين في مشارق الأرض ومغاربها.
وقبل أن نردَّ على هذا الكلام الفاسد الذي لا يستند إلى فهم صحيح أو دليل صريح نودُّ أولًا أن نبين أنَّ الصَّلاةََ في جميع بقاع الأرض الطَّاهرة جائزةٌ بإجماع المسلمين، وهذا الإجماعُ مستنده دليل صحيحٌ صريح متفق عليه رواه الإمام البخاري في صحيحه (335) ومسلم في صحيحه (521) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «...وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ».
وهذا الحديث الصَّحيح ورد في فضائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنَّ فضائل وخصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يدخلها النَّسخُ أو التَّخصيص، فالصَّلاةُ في جميع البقاع الطَّاهرة جائزةٌ بالإجماع.
وقد يستدلُّ بعض العوام من غير ذوي العلم بحديثِ «لعن الله اليهود والنَّصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وهو حديث صحيح ولا شكَّ، لكنهم لم يفهموا معناه ولا دلالته ولا أقوال أهل العلم فيه، قال إمام السُّنة شارح الموطأ الإمام ابن عبد البر رحمه الله عند تعرضه لشرح هذا الحديث في كتابه التمهيد (1/168) : «لهذا الحديث والله أعلم ورواية عمر بن عبد العزيز له أمر في خلافته أن يجعل بنيان قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم محددًا بركن واحد؛ لئلا يُستقبل القبر فيصلَّى إليه».
فهذا فهم الإمام المحدِّث ابن عبد البر رحمه الله أنَّ المقصود باتخاذ القبر مسجدًا أي جهة أو مكان للسجود إليها من دون الله عزَّ وجل، فالذي يتخذ القبر مسجدًا هو الذي يعبد القبور أو من فيها من الأنبياء أو الأولياء من دون الله عز وجل، وليس المقصود بناء مسجد عندها أو في جوارها والصلاة في هذا المسجد.
وذهب الإمام ابن عبد البر رحمه الله تعالى إلى أن حديث النهي عن اتخاذ القبور مساجد منسوخ؛ لأنه معارض بأدلة أخرى أوضح وأصرح في جواز الصَّلاة في جميع بقاع الأرض الطاهرة، قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد (1/168): «هذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء والصَّالحين مساجد، وقد احتجَّ من لم ير الصَّلاة في المقبرةِ ولم يجزها بهذا الحديث وبقوله: «إنَّ شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد». وبقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا في بيوتكم ولا تجعلوها قبورًا» وهذه الآثار قد عارضها قوله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» وتلك فضيلة خُصَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز على فضائله النسخ ولا الخصوص ولا الاستثناء، وذلك جائز في غير فضائله إذا كانت أمرًا أو نهيا أو في معنى الأمر والنهي، وبهذا يستبين عند تعارض الآثار في ذلك أنَّ النَّاسح منها قوله صلى الله عليه وسلم: «جُعلت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا». وقوله لأبي ذرٍّ: «حيثما أدركتك الصَّلاة فصل؛ فقد جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا». وانظر أيضًا الاستذكار لابن عبد البر (1/334).
وقال البيضاويُّ رحمه الله: «لما كانت اليهودُ والنصارى يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيماً لشأنهم، ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصَّلاة نحوها، واتخذوها أوثانًا، لعنهم ومنع المسلمين على مثل ذلك، فأمَّا من اتخذ مسجدًا في جوار صالح ، وقصد التبرك بالقرب منه، لا للتعظيم له، ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد».
وقال التوربشتي في شرح المصابيح في حديث: «لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مسجد» هو مخرج على وجهين:
أحدهما: كانوا يسجدُون لقبور الأنبياء، تعظيمًا لهم وقصد العبادة في ذلك.
وثانيهما: أنَّهم كانوا يرون الصلاة في مدافن الأنبياء والتوجه إلى قبورهم في حالي الصَّلاة والعبادة لله نظرًا منهم أنَّ ذلك الصنيع أعظم موقعاً عند الله، لاشتماله على الأمرين: عبادة ومبالغة في تعظيم الأنبياء. وكلا الطريقين غير مرضيه: أما الأولى فشرك جلي، وأما الثانية فلما فيها من معنى الإشراك بالله، وإن كان خفياً، والدليل على ذمِّ الوجهين قوله : «اللهم لا تجعل قبري وثنًا، اشتدَّ غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» والوجه الأول أظهر وأشبه.
وقد ثبت أن بعض الصحابة قد بنوا على قبر أحدهم مسجدًا بعد وفاته وقد كان هذا في حياة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل على النبيِّ، ولو كان هذا محرمًا لأعلمه الله سبحانه وتعالى عن طريق الوحي، كما أعلمه ببناء مسجد الضِّرار؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
قال ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/13): «وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومن معهما من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي جندل وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرؤه، فدفنه أبو جندل مكانه وصلَّى عليه وبنى على قبره مسجدًا». وذكرها ابن الأثير في أسد الغابة (1/1146). وقد أورد القصة الحافظ في فتح الباري (5/351) واستشهد واستدل بها، وهذا دليل على صحتها أو صلاحيتها للاستدلال عند الحافظ ابن حجر رحمه الله ، فلا تلتفت لبعض العوام من المنتسبين إلى العلم زورًا الذين يكذبون هذه الواقعة دون دليل أو برهان.
الخلاصة:
1- أن الصَّلاة في في جميع بقاع المعمورة الطاهرة صحيحة بلا ريب، ومنها المساجد المقامة على أضرحة الأنبياء والأولياء وآل البيت رضي الله عنهم فهي أيضًا صحيحة بلا ريب.
2- أن بناء المساجد على القبور أو عند القبور المعهود منذ إدخال القبر الشريف في المسجد وإلى يوم الناس هذا صحيح لم ينكره أحدٌ من أهل العلم المعتبرين في كافة المذاهب الإسلامية المتبوعة.
3- أن بناء المساجد على القبور أو عندها أو بجوارها ليس هو اتخاذ القبور مساجد الذي ورد النهي عنه في الحديث؛ لأنَّ معنى اتخاذ القبور مساجد هو التوجه إلى القبور بالعبادة والتضرع من دون الله أو مع الله، وهذا شرك أكبر باتفاق المسلمين.
4- يلزم القائلين بمنع بناء المساجد على القبور وتحريم الصَّلاة فيها أن يمنعُوا الصَّلاة في مسجد النبَّيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، بل هو على قاعدتهم وفهمهم أولى بالمنع لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هو أعظم وأشرف المخلوقات فذريعة الشرك في جانبه أقوى. والقول بمنع الصلاة في مسجد النَّبيِّ لم يقل به أحدٌ من عُقلاء المسلمين، فكيف يمنع ما هو على قاعدته ومنواله.
وقد تبين من هذا أن الصلاة في مسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومساجد أهل البيت وأولياء الله الصالحين صحيحة بلا ريب ولا شك، والله أعلم.
والله تعالى من وراء القصد ونسأله سبحانه التوفيق والهداية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق