الصوفية بين الماضى والحاضر

الجمعة، 15 مارس 2013

الصوفية فى زمن الصحابة

مسألة:
ذكر أهل الصفة 

قال الشيخ : قد ذكرنا بعض أحوال فريق من نساك الصحابة وعبادهم ، وأقوال جماعة من أئمة الصحابة وأعلامهم من المشتهرين بالمعبود وذكره ، المشغوفين بالفرد ووده . الذين جعلوا للعارفين والعاملين قدوة ، وعلى المفتونين بالدنيا والمقبلين عليها حجة . ونذكر الآن مستعينين بالله شأنأهل الصفة وأخلاقهم وأحوالهم وتسمية من سمي لنا اسمه بالأسانيد المشهورة ، والشواهد المذكورة . 

وهم قوم أخلاهم الحق من الركون إلى شيء من العروض ، وعصمهم من الافتتان بها عن الفروض . وجعلهم قدوة للمتجردين من الفقراء ، كما جعل من تقدم ذكرهم أسوة للعارفين من الحكماء . لا يأوون إلى أهل ولا مال ، ص: 338 ] ولا يلهيهم عن ذكر الله تجارة ولا حال ، لم يحزنوا على ما فاتهم من الدنيا ، ولا يفرحون إلا بما أيدوا به من العقبى . كانت أفراحهم بمعبودهم ومليكهم وأحزانهم على فوت الاغتنام من أوقاتهم وأورادهم ، هم الرجال الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، ولم يأسوا على ما فاتهم ، ولم يفرحوا بما أتاهم . حماهم مليكهم عن التمتع بالدنيا والتبسيط فيها ; لكيلا يبغوا ولا يطغوا ، رفضوا الحزن على ما فات من ذهاب وشتات ، والفرح بصاحب نسب إلى بلى ورفات . 

حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني أبو هانئ ، قال : سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون : إنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة : ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ذلك بأنهم قالوا : لو أن لنا ، فتمنوا الدنيا .رواه حيوة ، عن أبي هانئ 

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ، ثنا سعيد بن سليمان ، عن عبد الله بن المبارك ، عن حيوة بن شريح ، عن أبي هانئ ، قال : سمعت عمرو بن حريث ، يقول : نزلت هذه الآية في أهل الصفة : ( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض قال : لأنهم تمنوا الدنيا 

قال الشيخ : زوى الله عز وجل عنهم الدنيا ، وقبضها إبقاء عليهم وصونا لهم ; لئلا يطغوا ، فصاروا في حماه محفوظين من الأثقال ، ومحروسين من الأشغال ، لا تذلهم الأموال ، ولا تتغير عليهم الأحوال . 

حدثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسين بن سفيان ، ثنا عبيد الله بن معاذ ، ثنا معتمر بن سليمان ، قال : قال أبي ، ثنا أبو عثمان النهدي أنه حدثهعبد الرحمن بن أبي بكر أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ، ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس ، بسادس ، أو كما قال . وأن أبا بكر جاء بثلاثة ، وانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم بعشرة" . هذا حديث صحيح متفق عليه . 

حدثنا سليمان ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم ، ثنا عمر بن ذر ، ثنا مجاهد أن أبا هريرة ، قال : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أبا هر ص: 339 ] فقلت : لبيك يا رسول الله قال : الحق أهل الصفة فادعهم ، قال : وأهل الصفة أضياف الإسلام ، لا يأوون على أهل ولا مال ، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها صحيح متفق عليه . 

حدثنا أبو عمر بن حمدان ، ثنا الحسين بن سفيان ، ثنا وهب بن بقية ، ثنا خالد بن عبد الله ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدؤلي ، عن طلحة بن عمرو ، قال : كان الرجل إذا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وكان له بالمدينة عريف نزل عليه ، وإذا لم يكن له عريف نزل مع أصحاب الصفة ، قال : وكنت فيمن نزل الصفة فوافقت رجلا وكان يجري علينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم مد من تمر بين رجلين 

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن النضر الأزدي ، ثنا موسى بن داود ، ثنا شريك ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن علي بن حسين ، عنأبي رافع ، قال : لما ولدت فاطمة حسينا قالت : يا رسول الله ألا أعق عن ابني؟ قال : لا ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره ورقا ، أو فضة ، على الأوفاض والمساكين يعني بالأوفاض : أهل الصفة 

حدثنا محمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، ثنا حيوة ، أخبرني أبو هانئ أن أبا علي الجنبي حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في صلاتهم لما بهم من الخصاصة ، وهم أصحاب الصفة ، حتى يقول الأعراب : إن هؤلاء مجانين رواه ابن وهب ، عن ابن هانئ 

حدثنا محمد بن محمد بن إسحاق ، ثنا زكريا الساجي ، ثنا أحمد بن عبد الرحمن ، ثنا عمي عبد الله بن وهب ، عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال : كان من أهل الصفة سبعون رجلا ليس لواحد منهم رداء 

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن عبد الله بن رستة ، ثنا أبو أيوب المقرئ ، ثنا جرير ، عن عطاء ، عن الشعبي ، عن أبي هريرةقال : كنت في الصفة ، فبعث إلينا النبي صلى ص: 340 ] الله عليه وسلم عجوة فكنا نقرن الثنتين من الجوع ، ويقول لأصحابه : إني قد قرنت فاقرنوا 

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم ، ثنا هناد بن السري ، ثنا أبو معاوية ، عن هشام ، عن الحسن ، قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل الصفة فقال : " كيف أصبحتم " ، قالوا : بخير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنتم اليوم خير ، وإذا غدي على أحدكم بجفنة وريح بأخرى ، وستر أحدكم بيته كما تستر الكعبة ، فقالوا : يا رسول الله نصيب ذلك ونحن على ديننا؟ قال : "نعم " ، قالوا : فنحن يومئذ خير نتصدق ونعتق . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا بل أنتم اليوم خير ، إنكم إذا أصبتموها تحاسدتم وتقاطعتم وتباغضتم " . كذا رواه معاوية مرسلا . 

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو يحيى الرازي ، ثنا هناد بن السري ، ثنا يونس بن بكير ، ثنا سنان بن سيسن الحنفي ، حدثني الحسن ، قال : بنيت صفة لضعفاء المسلمين ، فجعل المسلمون يوغلون إليها ما استطاعوا من خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيهم فيقول : السلام عليكم يا أهل الصفة ، فيقولون : وعليك السلام يا رسول الله ، فيقول : كيف أصبحتم ، فيقولون : بخير يا رسول الله ، فيقول : أنتم اليوم خير من يوم يغدى على أحدكم بجفنة ويراح عليه بأخرى ، ويغدو في حلة ويروح في أخرى ، وتسترون بيوتكم كما تستر الكعبة ، فقال : نحن يومئذ خير يعطينا الله تعالى فنشكر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل أنتم اليوم خير " . 

قال الشيخ رحمه الله : وكان عدد قاطني الصفة يختلف على حسب اختلاف الأوقات والأحوال ، فربما تفرق عنها وانتقص طارقوها من الغرباء والقادمين فيقل عددهم ، وربما يجتمع فيها واردوها من الوراد والوفود فينضم إليهم فيكثرون ، غير أن الظاهر من أحوالهم ، والمشهور من أخبارهم غلبة الفقر عليهم ، وإيثارهم القلة واختيارهم لها . فلم يجتمع لهم ثوبان ، ولا حضرهم من الأطعمة لونان . يدل على ذلك ما : حدثناهأبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ص: 341 ] بن حنبل ، حدثني وكيع ، حدثني فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، قال :رأيت سبعين من أهل الصفة يصلون في ثوب ، فمنهم من يبلغ ركبتيه ، ومنهم من هو أسفل من ذلك ، فإذا ركع أحدهم قبض عليه مخافة أن تبدو عورته 

حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد ، ثنا إسماعيل بن عبد الله ، ثنا هشام بن عامر ، ثنا صدقة بن خالد ، ثنا زيد بن واقد ، حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي ، عن واثلة بن الأسقع ، قال : كنت من أصحاب الصفة ، وما منا أحد عليه ثوب تام ، وقد اتخذ العرق في جلودنا طوقا من الوسخ والغبار 

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلم ، ثنا هناد بن السري ، ثنا أبو أسامة ، عن جرير بن حازم ، عن محمد بن سيرين ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قسم ناسا من أهل الصفة بين ناس من أصحابه ، فكان الرجل يذهب بالرجل ، والرجل يذهب بالرجلين ، والرجل يذهب بالثلاثة حتى ذكر عشرة ، فكان سعد بن عبادة يرجع كل ليلة إلى أهله بثمانين منهم يعشيهم 

حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي بكر ، ثنا عبد الله بن محمد بن النعمان ، ثنا أبو نعيم وحدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا عبيد بن غنام ، واللفظ له ، ثناأبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو نعيم ، عن موسى بن علي ، قال : سمعت أبي يحدث عن عقبة بن عامر ، قال : خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة ، فقال : أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحاء والعقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطيعة رحم ، فقلنا : يا رسول الله كلنا نحب ذلك ، قال : أولا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله تعالى خير له من ناقتين ، وثلاث ، وأربع . خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل ؟ قال الشيخ رحمه الله : فحديث عقبة يصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يردهم عند العوارض الداعية إلى تمني الدنيا والإقبال عليها إلى ما هو أليق بحالهم ، وأصلح لبالهم من الاشتغال بالأذكار ، وما يعود عليهم من منافع ص: 342 ] البيان والأنوار ، ويعصمون به من المهالك والأخطار ، ويستروحون إليه مما يرد من الأماني على الأسرار . 

حدثنا محمد بن أحمد بن مخلد ، ثنا أبو إسماعيل الترمذي ، ثنا يحيى بن بكير ، ثنا ابن لهيعة ، عن عمارة بن غزية أن ربيعة بن أبي عبد الرحمنأخبره أنه سمع أنس بن مالك يقول : أقبل أبو طلحة يوما ، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم يقرئ أصحاب الصفة ، على بطنه فصيل من حجر يقيم به صلبه من الجوع . كان شغلهم تفهم الكتاب وتعلمه ، ونهمتهم الترنم بالخطاب وتردده ، شاهد ذلك ما : حدثناه جعفر بن محمد بن عمرو ، ثنا أبو حصين الوادعي ، ثنا يحيى بن عبد الحميد ، ثنا حماد بن زيد ، عن المعلى بن زياد ، عن العلاء بن بشير ، عن أبي الصديق الناجي ، عنأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ، قال : أتى علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أناس من ضعفة المسلمين ، ورجل يقرأ علينا القرآن ويدعو لنا ، ما أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف أحدا منهم وإن بعضهم ليتوارى من بعض من العري ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فأدارها شبه الحلقة ، فاستدارت له الحلقة ، فقال : " بم كنتم تراجعون؟ " قالوا : هذا رجل يقرأ علينا القرآن ويدعو لنا . قال : " فعودوا لما كنتم فيه " ، ثم قال : " الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم " ، ثم قال : " ليبشر فقراء المؤمنين بالفوز يوم القيامة قبل الأغنياء بمقدار خمسمائة عام ، هؤلاء في الجنة ينعمون ، وهؤلاء يحاسبون " . رواه جعفر بن سليمان ، عن المعلى بن زياد بإسناده مثله . ورواه جعفر أيضا ، عن ثابت البناني ، عن سلمان مرسلا . 

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا يسار ، ثنا جعفر ، يعني ابن سليمان ثنا ثابت البناني ، قال : كانسلمان في عصابة يذكرون الله عز وجل ، قال : فمر النبي صلى الله عليه وسلم فكفوا فقال : ما كنتم تقولون؟ فقلنا : نذكر الله يا رسول الله ، قال: قولوا فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها ، ثم ص: 343 ] قال : " الحمد لله جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم" . رواه مسلمة بن عبد الله عن عمه ، عن سلمان مطولا في قصة المؤلفة ، ذكرناه في نظائره في كتاب شرف الفقر . 

قال الشيخ رحمه الله : والمتحققون بالفقر من الصحابة وتابعيهم إلى قيام الساعة أمارة وأعلام الصدق لهم شاهرة ، وبواطنهم بمشاهدة الحق عامرة ; إذ الحق شاهدهم وسائسهم . والرسول صلى الله عليه وسلم سفيرهم ومؤدبهم ، وحق لمن أعرض عن الدنيا وغرورها ، وأقبل على العقبى وحبورها ، فعزفت نفسه عن الزائل الواهي ، ونابذ الزخارف والملاهي ، وشاهد صنع الواحد الباقي ، واستروح روائح المقبل الآتي من دوام الآخرة ونضرتها ، وخلود المجاورة وبهجتها ، وحضور الزيارة وزهرتها ، ومعاينة المعبود ولذتها ، أن يكون بما اختار له المعبود من الفقر راضيا ، وعما اقتطعه منه ساليا ، ولما ندبه إليه ساعيا ، ولخواطر قلبه راعيا ، ليصير في جملة المطهرين ، ويحشر في زمرة الضعفاء والمساكين ، ويقرب مما خص به الأبرار من المقربين ، فيغتنم ساعاته عن مخالطة المخلطين ، ويصون أوقاته عن مسالمة المبطلين ، ويجتهد في معاملة رب العالمين ، مقتديا في جميع أحواله بسيد السفراء والمرسلين . 

كذا حدثناه سليمان بن أحمد ، ثنا الحسين بن إسحاق التستري ، ثنا محمد بن أبي خلف ، ثنا يحيى بن عباد ، ثنا محمد بن عثمان الواسطي ، عنثابت ، عن أنس ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجبه نحو الرجل أمره بالصلاة 

قال الشيخ رحمه الله : استوطنوا الصفة فصفوا من الأكدار ، ونقوا من الأغيار ، وعصموا من حظوظ النفوس والأبشار ، وأثبتوا في جملة المصطنع لهم من الأبرار ، فأنزلوا في رياض النعيم ، وسقوا من خالص التسنيم . 

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا عمران بن عيينة ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ومزاجه من تسنيم قال : هو أشرف شراب أهل الجنة ، للمقربين صرفا ، وللناس مزاجا 

ص: 344 ] قال الشيخ رحمه الله : وأهل الصفة هم أخيار القبائل والأقطار ، ألبسوا الأنوار . فاستطابوا الأذكار ، واستراحت لهم الأعضاء والأطوار ، واستنارت منهم البواطن والأسرار بما قدح فيها المعبود من الرضا والأخبار ، فأعرضوا عن المشغوفين بما غرهم ، ولهوا عن الجامعين لما ضرهم من الحطام الزائل البائد ، ومسالمة العدو الحاسد ، معتصمين بما حماهم به الواقي الذائد . فاجتزوا من الدنيا بالفلق ، ومن ملبوسها بالخرق ، لم يعدلوا إلى أحد سواه ، ولم يعولوا إلا على محبته ورضاه . رغبت الملائكة في زيارتهم وخلتهم ، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصبر على محادثتهم ومجالستهم . 

حدثنا أبو بكر الطلحي ، ثنا عبيد بن عثام ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا أحمد بن المفضل ، ثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن أبي سعيد الأزدي ، عن أبي الكنود ، عن خباب بن الأرت : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه قال : جاء الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا مع بلال وعمار وصهيب وخباب ، في أناس من الضعفاء المؤمنين . فلما رأوهم حقروهم فخلوا به ، فقالوا : إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلا ، فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب قعودا مع هذه الأعبد ، فإذا نحن جئناك فأقمهم عنا . فإذا نحن فرغنا فأقعدهم إن شئت ، قال : نعم ، قالوا : فاكتب لنا عليك كتابا ، فدعا بالصحيفة ليكتب لهم ، ودعا عليا رضي الله عنه ليكتب ، فلما أراد ذلك ، ونحن قعود في ناحية ، إذ نزل جبريل عليه السلام ، فقال : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه إلى قوله : ( فتكون من الظالمين ثم ذكر الأقرع وصاحبه ، فقال : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين ) . ثم ذكر فقال تعالى : ( وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة ) . فرمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحيفة ودعانا فأتيناه وهو يقول : سلام عليكم ، فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته ، فكان رسول الله ص: 345 ] صلى الله عليه وسلم يجلس معنا ، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا . فأنزل الله عز وجل : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ) . يقول : لا تعد عينك عنهم تجالس الأشراف : ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ) . أما الذي أغفل قلبه فهو عيينة بن حصن والأقرع ، وأما ( فرطا ) فهلاكا . ثم ضرب لهم مثل الرجلين ومثل الحياة الدنيا ، قال : فكنا بعد ذلك نقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بلغنا الساعة التي كان يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم ، وإلا صبر أبدا حتى نقوم 

رواه عمر بن محمد العنقزي عن أسباط مثله . 

حدثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا أبو وهب الحراني ، ثنا سليمان بن عطاء ، عن مسلمة بن عبد الله ، عن عمه ، عنسلمان الفارسي ، قال : جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن والأقرع بن حابس ، وذووهم فقالوا : يا رسول الله إنك لو جلست في صدر المسجد ، ونحيت عنا هؤلاء وأرواح جبابهم ، يعنون أبا ذر وسلمان وفقراء المسلمين ، وكان عليهم جباب الصوف لم يكن عندهم غيرها ، جلسنا إليك وخالصناك وأخذنا عنك ، أنزل الله عز وجل : ( واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه حتى بلغ ( نارا أحاط بهم سرادقها يتهددهم بالنار ، فقام نبي الله يلتمسهم حتى أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم أمتي ، معكم المحيا ومعكم الممات " . 

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو حذيفة ، ثنا سفيان الثوري ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن سعد بن أبي وقاص، قال : نزلت هذه الآية في ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم ابن مسعود ، قال : كنا نستبق إلى النبي ندنو إليه ، فقالت قريش :تدني هؤلاء دوننا؟ فكأن النبي صلى الله عليه وسلم هم بشيء ، فنزلت : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ص:346 ] الآية رواه إسرائيل ، عن المقدام بن شريح نحوه . 

حدثناه أبو أحمد محمد بن أحمد ، ثنا عبد الله بن شيرويه ، ثنا إسحاق بن راهويه ، أخبرنا عبيد الله بن موسى ، ثنا إسرائيل ، عن المقدام بن شريح الحارثي ، عن أبيه ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن ستة نفر ، فقال المشركون : اطرد هؤلاء عنك فإنهم ، وإنهم ، قال : فكنت أنا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت اسمهما ، قال : فوقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ما شاء الله ، فحدث به نفسه فأنزل الله عز وجل : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) . 

حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا عبد الله بن شيرويه ، ثنا إسحاق بن راهويه ، أخبرنا جرير ، عن أشعث بن سوار ، عن كردوس ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده صهيب وبلال وخباب وعمار ، ونحوهم وناس من ضعفاء المسلمين ، فقالوا : يا رسول الله أرضيت بهؤلاء من قومك ؟ أفنحن نكون تبعا لهؤلاء؟ أهؤلاء الذين من الله عليهم؟ اطردهم عنك فلعلك إن طردتهم اتبعناك . قال : فأنزل الله عز وجل : ( وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم إلى قوله : ( فتكون من الظالمين حدثنا عمر بن محمد بن حاتم ، ثنا محمد بن عبيد الله بن مرزوق ، ثنا عفان ، ثنا حماد بن سلمة ، ثنا ثابت ، عن معاوية بن قرة ، عن عائذ بن عمرو أن أبا سفيان مر بسلمان وصهيب وبلال فقالوا : ما أخذت السيوف من عنق عدو الله مأخذها ، فقال لهم أبو بكر تقولون هذا لشيخ قريش وسيدها ، ثم أتى النبي ، فأخبره بالذي قالوا : فقال : يا أبا بكر لعلك أغضبتهم ، والذي نفسي بيده لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك ، فرجع إليهم ، فقال : يا إخواني لعلي أغضبتكم؟ فقالوا : لا يا أبا بكر يغفر الله لك 

حدثنا محمد بن عبد الله ، ثنا عبد المؤمن بن أحمد الجرجاني ، ثنا الحسين بن علي السمسار ، ثنا أبو عبد الرحمن المكتب ، ثنا المسيب بن شريك، عن حميد ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرفع الله بهذا العلم ص: 347 ] أقواما فيجعلهم قادة يقتدى بهم في الخير، وتقتص آثارهم ، وترمق أعمالهم ، وترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم " . 

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا هارون بن ملول ، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، ثنا سعيد بن أبي أيوب ، ثنا معروف بن سويد الجذامي أن أبا عشانة المعافري حدثه أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص ، يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تدرون أول من يدخل الجنة؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : " فقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره ، يموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء فتقول الملائكة : ربنا نحن ملائكتك وسكان سمواتك لا تدخلهم الجنة قبلنا ، فيقول : عبادي لا يشركون بي شيئا تتقى بهم المكاره يموت أحدهم وحاجته في صدره لم يستطع لها قضاء ، فعند ذلك تدخل عليهم الملائكة من كل باب ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) " 

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا عبد الله بن محمد بن سوار ، ثنا أبو هلال الأشعري ، ثنا محمد بن مروان ، عن ثابت الثمالي أبي حمزة ، عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ) . قال : الغرفة : الجنة ، بما صبروا : على الفقر في دار الدنيا 

قال الشيخ رحمه الله : فأما أسامي أهل الصفة فقد رأيت لبعض المتأخرين تتبعا على ذكرهم وجمعهم على حروف المعجم ، وضم إلى ذكرهم فقراء المهاجرين الذين قدمنا ذكرهم . وسألني بعض أصحابنا الاحتذاء على كتابه وفي كتابه أسامي جماعة موهوم فيها ; لأن جماعة عرفوا من أهل القبة نسبوا إلى أهل الصفة وهو تصحيف من بعض النقلة ، وسنبين ذلك إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى . فممن بدأنا بذكره :
 47 - أوس بن أوس الثقفي 

وقيل : أوس بن حذيفة ، ونسبه إلى أهل الصفة وهو وهم ، فإنه قدم وافدا مع وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر عهده ، وهوص: 348 ] من المالكيين مع الأحلاف الذين أنزلهم النبي صلى الله عليه وسلم القبة لا الصفة . روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير حديث ، ولا يحفظ عنه من حال أهل الصفة شيء . فمما أسند ما حدثناه سليمان بن أحمد ، ثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ، ثنا أبي ، ثنازهير ، ثنا سماك بن حرب ، عن النعمان بن سالم ، عن أوس بن أوس الثقفي ، قال : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في قبته في مسجد المدينة ، فأتاه رجل فساره بشيء لا ندري ما يقول ، فقال : اذهب فقل لهم يقتلوه ، ثم قال : لعله يشهد أن لا إله إلا الله قال : نعم ، قال : اذهب فقل لهم يرسلوه ، فإني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بأمر حق وكان حسابهم على الله عز وجل رواه شعبة وأبو عوانة ، عن سماك نحوه . وقال شعبة في حديثه : كنت في أسفل القبة . 

حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود الطيالسي ، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ، ثنا عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي، عن جده أوس بن حذيفة ، قال : قدمنا - وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل الأحلافيون على المغيرة بن شعبة ، وأنزل المالكيين قبته . فكان يأتينا بعد عشاء الآخرة فيحدثنا ، فكان أكثر ما اشتكى قريشا يقول : " كنا مستذلين مستضعفين بمكة فلما قدمنا المدينةانتصفنا من القوم " .


  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  
  



 رابط الموضوع 


الخميس، 14 مارس 2013

سماحة الشيخ فوزى محمد أبو زيد


سماحة الشيخ فوزى محمد أبو زيد

العمل : مدير عام بالتربية والتعليم بمصر سابقاً.

ورئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله.بجمهورية مصر العربية.

يعمل فى مجال الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة منذ ما يقرب من الأربعين عاماً.

علم من اعلام الدعوة الى الله فى القرن الحادى والعشرين وواحد من علماء الازهر العارفين العاملين السائرين على منهاج النبى صلى الله عليه وسلم والمتمسكين لسنته والمجددين لفهم امور الدين بما يواكب العصر على منهج اهل السنة والجماعة وعلى نهج الصحابة الكرام ويجوب فضيلته البلاد ناشرا تعاليم الدين على المنهج الصحيح ويقوم كدأب العلماء العاملين المربين بتربية الأبناء والدارسين بالمنهج الذى ربى علية النبى صلى الله عليه وسلم اصحابه ولا ينتمى فضيله الى اى طريق من الطرق الصوفية    يعمل على تنقية التصوف من افعال الجهالةكالجدل والكذب والاختلاط  فى الموالد وما يحدث من مخالفات لشرع الشريف عند زيارة القبور  والشعوزة و الجدل ومن ادعاء الغيب  ومن تقديس المشايخ وكل ما يخلف شرع الله

وكذالك يدعو المتشددين الى النهج الوسط من السماحة واللين والرحمة لجميع المسلمين بعيدا عن التكفير



منهجه
تحلية النفس بالصفات الكاملة؛ كالتوبة والتقوى والاستقامة والصدق والإخلاص والزهد والورع والتوكل والرضا والتسليم والأدب والمحبة والذكر والمراقبة… فللصوفية بذلك الحظ الأوفر من الوراثة النبوية، في العلم والعمل



المراقبة والمحاسبة والتوبة والإنابة والذكر والفكر والمحبة والتوكل والرضا والتسليم والزهد والصبر والإيثار والصدق والمجاهدة ومخالفة الهوى والنفس




الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة على أساس الحب في الله .التزام الوسطية الإسلامية المنصفة والاعتدال في الدعوة .حسن الظن بأهل القبلة واحترامهم فرادى وجماعات سلفاً وخلفاً .التماس العذر في الخلافات الفرعية والبعد عن الفتن والشكليات .تقديم الأهم واغتنام الممكن ، وبذل الجهد المستطاع نصحاً للأمةالأدالتقريب العلمي والأخوي بين طوائف المسلمين ومذاهبهم، في حدود وقواعد الكتاب والسنة، وحفظ حقوق السلف الصالح.إصلاح الفرد المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم، بالعودة إلى ربانية الإسلام .والتفاهم والمرونة والمسالمة والتدرج والبشاشة ـ مع الالتزام ـ من مبادئنا .العمل على سيادة شرع الله (الكتاب والسنة والإجماع وفقه الأئمة الأربع الإصلاح الصوفي الشامل، برده إلى الكتاب والسنة وعمل السلف الصالحة).
دوره فى تنقية التصوف :

قال ( رضى الله عنه )  : لقد كثر هذا الأيام الهجوم على التصوف الإسلامى سواء من أصحاب المذاهب العلمانية وبعض الناس الذين لم يعرفوا التصوف وحكموا عليه من ظهور بعض المدعين للتصوف فى الموالد مخالفين لشرع الله وهؤلاء ليس من الصوفية وبعضهم قال أن التصوف يدعو إلى السلبية والخمول والكسل فى حين أن رسالة التصوف الإسلامى الصحيح القائم على الكتاب والسنة يربى الفرد تربية أخلاقية مثالية وعن طريق تربية الأفراد نصل إلى مجتمع متكامل  ، والصوفية على يقين من أنه لن يخرج الناس من شقائهم الذى هم فيه الآن إلا بعودتهم إلى معين الروح ونقاء السريرة  وصفاء القلب من القيم والمثل التى حرص الصوفية على تربية أبنائهم عليها وتطبعهم بها
الشيخ ابن تيمية :



تحدث الشيخ أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى عن تمسك الصوفية بالكتاب والسنة في الجزء العاشر من مجموع فتاويه فقال: (فأما المستقيمون من السالكين كجمهور مشايخ السلف مثل الفضيل بن عياض، وإبراهيم بن أدهم، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، والسري السقطي، والجنيد بن محمد، وغيرهم من المتقدمين، ومثل الشيخ عبد القادرالجيلاني والشيخ حماد والشيخ أبي البيان، وغيرهم من المتأخرين، فهم لا يسوغون للسالك ولو طار في الهواء أو مشى على الماء أن يخرج عن الأمر والنهي الشرعيين، بل عليه أن يعمل المأمور ويدع المحظور إلى أن يموت. وهذا هوالحق الذي دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف، وهذا كثير في كلامهم).         
ومن علماء التصوف
الشيخ محمد متولى الشعراوى
الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الازهر 

الاجتهاد في سد باب الذرائع والفتن ،



ان إراحة أَفكار المسلمين من الاشتغال بما يضر ولا ينفع ، الأَمر الذي سبب فرقة المسلمين ، ووقوع العداوة والشحناء بينهم وأنساهم ذكر الله والعمل بكتابه ، بل وأَنساهم ذكر الموت وما بعده ، وجعل غير المسلمين يظنون أَن الدين الإسلامي.
1-      إن أول بلاءٍ حصل للمسلمين ، وأعظم دسيسة دسها إبليس بيننا هي شواظ نار التفاضل ، ظهرت تلك الفتن في عصر الصحابة – رضوان الله عليهم- ولكنها كانت بابا من أَبواب التنافس في المسارعة إلى الخير ، فكانوا في عصر رسول الله   يفضلون أَبا بكر فعمر فعثمان ، ويسمع ذلك رسول الله   فلا ينكر عليهم ، ولكن الشيطان – لعنة الله عليه – يئس أَن يعبده من قال : "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ، أَو أَن يعبد المسلم غير الله ، فشد خيله ورجله ؛ ليوقع بينهم العداوة والتفرقة والاختلاف في الرأي والفكر ، فَدسَّ – بعد انتقال رسول الله   إلى الرفيق الأَعلى – دسيسة التفاضل بينهم – رضوان الله عليهم -، - واشتد التعصب من كل فريق لمن فضِّله ، حتى تفرقت الجماعة ، وتشعب الأَصل الواحد ، واختلفت الآراء والمذاهب والاعتقادات ، وإن كان أَكثر الخلاف لفظيا ، إلا أنه أَثر في قلوب العامة ، فكان مَانعْلمْ ، بعد خلافة سيدنا عمر رضى الله عنه وحتى الآن بولكن كيف تتالف القلوب إلى الاجتماع بعد الفرقة ، والائتلاف بعد الاختلاف .
 أيها الحاكمين بأَن فلانا أَفضل من فلان ، هل كان حكمكم هذا قائما على ما عند الله؟ أَم كان قائما علي ما عند أَنفسكم؟ فإِن كان قائما على ما عند الله تعالى فذلك مالا يحكم به إِلا الله تعالى ، وإن كان قائما على ما عند أَنفسكم فهذا شيء خاص بأَنفسكم ، قد يكون عن حظ وهوى – وتكون الحقيقة عند الله غير ذلك - ، فإِن كان حقا : حصلت لكم النجاة ، ولم يأْمركم الله بأَن تدعوا الناس إلى اعتقاد أَن فلانا أَفضل من فلان ، لأن ذلك ليس من الدين في شيء. وإن كان باطلا : أَرحتم أنفسكم من تحمل عقوبة الدعوة إلى الباطل ، وقد نهانا رسول الله   أَن نحكم على الله بأَن هذا من أَهل الجنة ، أو ما أَشبه ذلك ، بأَن نقول : نحسب أَنه كذا ، وقد سد رسول الله   هذا الباب سدا محكما بأَجلى مظاهر المبالغة فيه بقوله   : "لاَ تفضلوني عَلَى يُونِس بْن مَتَّى" ، تنبيها لقلوب المؤمنين إلى أن الاشتغال بمثل هذا مفسدة للدين. وإنما أَنت – أَيها الأَخ البار – عليك أَن تقتدي بالعلماءِ ، وتجتهد لأَن تصل إلى مقاماتهم العلية ، وتفوز بمشاهدهم القدسية ، وتتجمل بأَحوالهم الروحانية ، وتتعلم علومهم الربانية ، لا لتشغل نفسك بتفضيل زيد على عمرو ، وبكر على خالد ، لأَنك بذلك حرمت المسارعة إلى الخير ، والمبادرة إلى الغنيمة ، والمعاونة على البر والتقوى ، واشتغلت بما لاينفع ، وما الذي ينتفع به منك منْ أَنت تفضله على غيره ، اللهم إلا فتح باب المضرة عليه ، وتمكين الشيطان من قلوب المسلمين ، وربما أدى ذلك إلى مالا يرضاه الله تعالى ورسوله  . أيها الشيع المتفرقة ، والطوائف المختلفة : أَليست تجمعنا جميعا كلمة التوحيد ، ويجمعنا الإيمان بالقرآن ، والتصديق برسول الله   ، وأعمال أركان الإسلام الخمس ، والإيمان بيوم الحساب ، فما بالنا : كلنا واحد في الأُصول ، والمرجع ، والإيمان والإسلام ، فما الذي فرقنا؟ ؟ إننا لم نتفرق لاختلاف في ديننا ، ولا لتفاوت في كتابنا موجب للإختلاف ، ولا لأَن نبينا أَخفى علما عن جماعة ، وأظهره لآخرين ، لا : والله إنما التفرقة لجهل بالله سبحانه ، وبرسوله   ، وبكتابه وسنة نبيه ، ولطمع في الدنيا ، ورغبة العلو فيها ، وأمل في البقاءَ الفاني ، ومنافسة في السيادة والمجد والشرف.قف أيها القلم ، لا تتجاوز – وأَنت تكتب في الأَدب – حدود الأَدب . هذا ما أنتجه الاشتغال بالتفاضل . وهناك أَسباب أُخرى تليه ، ليست بأقل منها، أَوجبت التفرقة والنفور ، والعداوة والشحناءَ ، ما هي ؟ وممن هي؟ هي فتح باب الفتن بالتكلم فيما سكت الله عنه ، وسكت عنه رسوله : رحمة بالمسلمين ، فلم يحرمها وأخبر  أَن الورع اتقاؤها ، فلم يحكم بحرمتها ، لأَن الورع من أَخص صفات المؤمنين ، ومن أَعمال القلوب التي يهب الله عليها رضوانه الأَكبر.
وأَما الذي قام بفتح باب الفتن فهم أَدعياءُ تحصلوا على قشور من أَحكام الشريعة المطهرة ، فلم تقع بهم عين اليقين على حقيقة العلم ، ولم يطلعوا على حكمة الأَحكام ، ولم يذوقوا حلاوة لب اللباب ، ولم يعلموا أَن محل نظر الله تعالى : القلوب ، وأَن الخير كله في عملها ، وأَن القرب كله متوقف على التخلق بأخلاق الله ، والتشبه بالروحانيين من عمَّار ملكوت الله ، فتركوا الجواهر تحت أقدامهم ، وانصبوا بكليتهم على فتح أَبواب الشبه والتي أجملها فيما يلي:
1- التشنيع على الذكر والذاكرين : خذ لك مثلا أو مثالا ... إن هؤُلاء الأَدعياء إِذا رأوا جماعة يذكرون الله في بيت من بيوته ؛ قاموا فذمُّوا ، وحكموا أَن ذلك من البدع وإِذا سمعوا رجلا أعجميا فيهم لا يحسن النطق بكلمة التهليل ، أو بالاسم الشريف ، أو سمعوهم يلحنون في النطق بالذكر : قاموا فرموهم بالضلال والبدعة ومخالفة الشريعة ، وكان الأَولى بهم لو كانوا علماءِ حقيقة – أن يعتقدوا أَن اجتماع هؤلاءِ على ذكر الله ، واشتغالهم به عما سواه : دليل على طمأنينة قلوبهم بذكر الله ، كما قال تعالى :  أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(19). فجلسوا معهم ليتعلموا منهم طمأْنينة القلب الذي هو جوهر الدين ، وروح الإِيمان، ويعلمونهم بلطف ورحمة اعتدال اللسان ، الذي هو قشور بالنسبة لعمل القلوب. ولكنهم لقلة علمهم ، وجهلهم بحقيقة العلم ، فتراهم يمرون عليهم مر السحاب إلى بيوتهم ، ويتناولون القلم الذي هو سيف الفساد ، ويسودون الصحف بالقذف والسب واللعن ، حتى ينفروا منهم أهل التسليم الذين لو أَلفوهم لكانوا أَئمة، لتسليمهم وصدقهم وإخلاصهم وتواضعهم ، فينتج من ذلك : أن الذاكرين يكرهون العلماءِ ، ويرون أن العلماء أَعداء الطريق وأَهله، فتحصل التفرقة بين العلماءِ وبين المؤهلين للعلم من أهل التسليم ،وما ذلك إلا من عمل الجهلاءِ المغرورين بما تحصلوا عليه من قشور العلم.
2- الإنكار على قراءة القرآن في بيوت الله : مثال آخر : إذا جلس رجل في بيت من بيوت الله يقرأ سورة الكهف : قاموا فأنكروا عليه ، ورموه بأن ذلك بدعة وضلالة ، وسبوه وقذفوه ، فهؤلاء جعلوا قراءَة القرآن في المسجد منكرا ، وجعلوا الإصغاء له بدعة وضلالة ، مع أَن الصحابة – رضوان الله عليهم – كانوا يتدارسون القرآن في المسجد على عهد رسول الله . ولنفترض أن الصحابة لم يقرءوا سورة الكهف في المسجد يوم الجمعة ، وأَنها بدعة ، فكم من بدعة هي حسنة من الحسنات ، وكم أَحدث سيدنا ومولانا أبو بكر ، وسيدنا ومولانا عمر بن الخطاب ، وسيدنا ومولانا عثمان ابن عفان : بدعا ، هي عين السنة ، وما رآه المسلمون حسنا فهو حسن.
3- ترك الحكمة في الدعوة والموعظة الحسنة في الإرشاد : فهؤلاء المدعون : تركوا الحكمة في الدعوة ، والموعظة الحسنة في الإرشاد ، وفتحوا أَبواب الشر على المسلمين ، وشغلوهم بما يضر ولا ينفع. إذا رأَوا رجلا تعلم الواجب عليه من الدين ، ومنّ الله عليه بعلوم اليقين: كالحب والإخلاص والصدق والخشوع والرغبة والطمع والرجاءَ والخوف واليقين الحق بالتوحيد ، ومنحه الله الحكمة التي يمكنه أَن يبينها ولكن بعبارة ليست بليغة أو ليست موافقة للنحو والصرف ولكنها تؤثر في القلوب لأَنها صادرة من القلوب .. قاموا عليه فرموه بأنه جاهل ، وبأنه كافر ، كأَنهم يرون أَن العلم كله هو علم اللسان ، ولا علم غيره. أَنا أَشاركهم في أَن مَنْ وهبهم الله تلك المنن ، وأقامهم مقام الدعاة إلى الله ؛ فالأجمل بهم أن يحصّلوا ما لابد منه من علوم اللسان ، ولكنى أَعتقد أَن صغير مواهبهم أَجل وأَعظم مما اكتسبه هذا المغرور بقشور العلم.
4- الوقوع في أكبر الكبائر حال الدعوة إلى ترك مكروه أو عمل مندوب : وقد تشتد حماقة الرجل منهم وغضبه على أمر هين - كترك العذبة ) - حتى يقع في أكبر الكبائر حال دعوته إلى ترك (مكروه ، أو عمل مندوب ، وهو لا يشعر ، وربما حكم بتحريم شيء وهو لا يميز بين معنى الحلال والحرام ، وقد يحكم بنجاسة شيء وهو لا يميز بين الأنواع الطاهرة والأنواع النجسة ، بل ولا يميز الفرق بين نوع صفة النجاسة ، والطهارة ، وكل ذلك من جهله بأسرار السنة ، ومن جهله بنفسه ، وجهله بقدر علمه. وقد كان البلاء منهم على المسلمين أَشد من بلاءِ الأَعداء على المسلمين ، فإِنهم شغلوا المسلمين بالوقيعة ، وملأُوا قلوبهم ضغائن ، وجعلوا الصغار يحقرون السلف الصالح والكبار يحقرون كبار أهل عصرهم.
5- مخالفة رسول الله  في أخلاقه وسنته في الدعوة : مثال آخر : ما يحصل من بعض مِنْ نصبوا أَنفسهم للإرشاد ، أو انتسبوا للعلم : عند الأمر بالمعروف ، أو النهى عن المنكر من شدة ألفاظه في الأخلاق ، والغلظة في الطباع ، والسخف في القول : متذرعا بحجة أن هذا من الدين ، وأَن هذه نصيحة ، وأن هذه الطريقة الشرعية التي أمر الله بها ، ويجهلون أنهم وقعوا في كبائر لا تحصى منها: مخالفة رسول الله  في أخلاقه ومخالفة سنته في الدعوة ، وتنفير عباد الله ، ووقوعهم في بغض الدين وبغض أهله ، وظنوا أنهم أحسنوا ، وربما كان الذي يدعون إليه من الأُمور المرغّب فيها خلاف الأولى ، أو كان الذي ينهون عنه أَيضا خلاف الأولى . فعجبا ، كيف يلقى الإنسان بنفسه في الهاوية وهو يظن أنه يحسن عملا ؟ وما ذلك إلا من جهله.
ومن الدعاة الجهلاء من يجلسون في وسط العامة فيذكرون اسم وليّ من أولياءَ الله ، ويبثون عنه الأقاصيص ،التي توهم أنه ينفع ويضر ، وأن من اتبعه يكثر ماله وولده ، وأَن من زار قبره تقضى حوائجه ويموت أعداؤه ، ويذكرون لهم من الكرامات ما هو حق وباطل ، حتى يرغب فيه الناس ، فيكون الضرر بذلك من جهتين : من جهة أَنهم يتبعون طريقه لعاجل فان ، فيكونون ممن يعبدون الله على حرف ، ومن جهة أخرى فإنهم يتبعونه لينتفعوا به من الجهة التي لا يمكنه أَن ينفع نفسه ولا غيره بها ؛ لأَن النافع هو الله ، ويُحرَمون النفع به من الجهة التي يَنفَع منها ، لأن الله أقامه سببا للنفع ،وهى جهة تلقى العلوم ، وفهم فقه القرآن الشريف ، وتزكية النفس ،وفهم أَسرار التوحيد ، وكشف حكم الأحكام ،والتجمل بعلوم اليقين: مما به السعادة الأبدية ، التي لا تُذكر الدنيا في جانبها بشئ ، إلا كما يُذكر العدم مع الوجود. وقد يحصل ضرر ثالث – بالإضافة إلى الضررين السابقين يقل عن هذين الضررين، وهو أَن يكون الرجل الذي يدعون إليه متوفى وليست له كتب علمية ينفع بها من يقتدي به ، فيحصل الضرر لمن اتبعه بحرمانه من طلب الرجل العالم الذي جعله الله نورا ، فيُحرم من الانتفاع بعلمه ، والاقتداء بعمله. وقد كثرت تلك الطوائف ، وعم الضرر بهم ، حتى صار أكثر العامة إذا اتبع طريقا فكثر ماله وولده : فرح ، واعتقد أَن هذا من إتباعه للطريق . وإن قل ماله : تشاءم ، وقال : هذا من الطريق ، كما حصل في عصر رسول الله ، من الذين أنزل الله في حقهم قوله تعالى :  وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ( ).
كلنا – جماعة المسلمين – نعتقد أن الرجل العالم العامل إذ دعا إلى الله على بصيرة ، وأقام حجج الله للقلوب فاطمأنت ، وللنفوس فتزكت ، وللأبدان فنشطت : أكرام الله من اتبعه ، بمعنى قوله تعالى :  وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ( ) . فإن الله تعالى يكرم من اتبع ، العالم العامل بأَن يشرح صدره ، وييسر أمره ، ويمنحه الصبر واليقين . لأن الرجل يدعو إلى التوحيد الخالص ، والأَعمال الواجبة والمسنونة ، ومكارم الأخلاق ، ويدعو لحسن المعاملة.
وأنوار التوحيد إذا أشرقت على قوم اطمأنت قلوبهم بربهم ، فَرَضُوْا عنه ، لكمال توحيدهم ، وصبروا لكمال إيمانهم. فالواجب على من دعته نفسه أَن يقوم داعيا إلى الله : أن يدعوها أولا هي إلى الله ، فإِن أَطاعته ؛ ألزمها أن يتعلم ما لابد منه من معرفة الطريق ، ويتحصل على ما لابد منه من الزاد والراحلة بالعلم والخلق والعمل ، فإذا أطاعت وحَصّلت : فليطالبها بالإخلاص ، والرحمة بجميع الناس ، فإن قبلت : بحث فإن علم برجل أعلم منه بالله ، وبأَحكامه ، وبأَيامه ، وأَحاط علما بسنن رسول الله   : فَلْيَسْعَ إليه ، ولو بالصين، ليزداد علما ، ويكمل خلقا ، ويزكو نفسا ، ثم بعد ذلك يقوم فيدعو بالتي هي أَحسن.
وبعض من ينتسبون إلى العلم أو للطريق يجعلون العلم أو الطريق بابا من أبواب طلب الدنيا ، حتى تكون أَعمالهم الواجبة ليست لله ، ولكنها تصير تزيناً للتوسع في الدنيا. فعلى الذين منحهم الله النشاط للسياحة في الأَرض ، ووهب لهم لسان الحكمة : أَن يطهروا قلوبهم لله عند دعوة إخوانهم إلى الله عن أن يكون العمل لعرض يفنى ، أو غرض يزول ، ولْيتحققوا أَن هذا العمل الشريف هو عمل الرسل – صلوات الله وسلامه عليهم ، ولْيغاروا على قلوبهم وأَبدانهم أَن تستبدل برضوان الله وفردوسه الأَعلى ومعية النبيين والصديقين والشهداء: متاعاً يفنى وتبقى عقوبته ، وعرضا يزول وتبقى تبعته ، إِن هذا هو الخسران المبين. إن المرشد الذي جعل الله له نورا في قلبه ، وآتاه الله من لدنه علما ، ووهب له لسان الحكمة ، ومواهب المعرفة : لو أَن الناس قدموا له نفائس أَموالهم وقبلها منهم ؛ لكان ذلك قليلا في جانب علم سر من أَسرار كتاب الله، وفقه حكم من أحكام الله ، ومع ذلك فإِنه ينزه قلبه أَن يقبل من الناس ، أو يُقبل عليهم بقلبه لغير الله تعالى .